کد مطلب:280450 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:195

من معالم المسیرة
فی عهد النبی (ص)، كانت الأحكام والفرائض والحدود وسائر السیاسات الإسلامیة قائمة ومقامة، ثم لم تزل بعد ارتحاله (ص) تنقص وتسقط حكما فحكما یوما فیوما بید الحكومات الإسلامیة، وعلی امتداد



[ صفحه 334]



المسیرة كان هناك شبه انفصال بین الشعوب الإسلامیة وحكامهم، فكثیر من الحكومات لم تكن تعبر عن شعوبها، وبینما كان الأمراء وأصحاب المقاعد الأولی فی الدولة یضیعون الصلاة ویتبعون الشهوات. كانت الشعوب تختزن بداخلها الفطرة النقیة ببركة وجود القرآن الكریم، ونحن فی بحثنا هذا فی المسیرة الإسلامیة. لم نرصد إلا حركة أصحاب المقاعد الأولی ومن دار فی فلكهم، أما حركة الأمة الإسلامیة ورفضها للانحراف فإن لهذا موضع آخر.

وحركة الدعوة الخاتمة فی اتجاه الشعوب هی حركة المنقذ للفطرة من الانحراف والضلال، ولقد أعطی النبی (ص) الفكرة الصحیحة الداعیة للفتح الإسلامی، وبین أن الفتح لیس للقتل أو الانتقام وإنما هو رحمة وشفقة علی البلاد المفتوحة وتخلیصها من نیر العبودیة وتطبیق النظام الإسلامی الفطری علیها، ولم تكن الغنائم هی غایة الفتح، فالغنائم لیس لها أهمیة تذكر بجانب هدف الفتح الأسمی، فرفع الظلم عن البلد المفتوح هو المقصد سواء غنم الجیش أو لم یغنم، والإسلام ینظر إلی الغنیمة علی أساس أنها من قبیل جوائز التشجیع للقتال فی سبیل الله، لأن المقصود بالحرب الظفر علی الأعداء، فإن غلبوا فقد حصل المطلوب وتكون الأموال التی غنمها المقاتلون زیادة علی أصل الغرض، ولما كانت الغنیمة علی طریق القتال فی سبیل الله، وبما أن الله تعالی وضع أحكاما خاصة بالقتال فی سبیله، فإنه تعالی قسم الغنیمة علی الجیش المنتصر لرفع معنویاته وترغیبا له علی التكرار. وبالجملة:

الغنیمة زیادة علی أصل الغرض الذی من أجله یقاتل الجیش. وهی ملك لله ورسوله وتوضع حیثما أراد الله ورسوله.

واجتهد الصحابة فی غنائم الحرب، فصب هذا الاجتهاد فی نهایة المطاف فی دوائر التنافس والتحاسد وغیر ذلك، ویشهد ذلك



[ صفحه 335]



قوله (ص) وهو یخبر بالغیب عن ربه فی ما رواه مسلم عن عبد الله قال قال رسول الله (ص): إذا فتحت علیكم فارس والروم أی قوم أنتم؟ قال عبد الرحمن بن عوف: كما أمرنا الله، فقال النبی (ص): أو غیر ذلك.

تتنافسون. ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون، ثم تتباغضون. أو نحو ذلك.

ثم تنطلقون فی مساكن المهاجرین فتجعلون بعضهم علی رقاب بعض. [1] .

فالفتح أنتج ثقافة لم تكن فی یوم من أهداف الفتح، وأیقظ الفتح غریزة العرب الجاهلیة من الغرور والنخوة بعدما كانت فی سكن بالتربیة النبویة، والطریق الذی انتهی بالتباغض كما مر فی الحدیث السابق، امتد لینتهی بالبغی فی حدیث آخر یخبر فیه النبی (ص) بالغیب عن ربه ویقول سیصیب أمتی داء الأمم. الأشر والبطر. والتكاثر. والتشاحن.

والتباغض. والتحاسد، حتی یكون البغی. [2] .

والطریق إلی البغی كان علیه أمراء لا یمتازون إلا بالسواعد القویة، وروی أن حذیفة قال لعمر بن الخطاب: إنك تستعین بالرجل الفاجر، فقال له عمر: إنی لأستعمله لأستعین بقوته. ثم أكون علی قفائه، [3] وقال فی فتح الباری: والذی یظهر من سیرة عمر فی أمراؤه الذین كان یؤمرهم فی البلاد. أنه كان لا یراعی الأفضل فی الدین فقط، بل یضم إلیه الذی عنده مزید من المعرفة بالسیاسة، فلأجل هذا استخلف معاویة والمغیرة بن شعبة وعمرو بن العاص، مع وجود من هو أفضل منهم فی أمر الدین والعلم. [4] .



[ صفحه 336]



وذكر ابن حجر أن عمر ولی إیاس بن صبیح القضاء فی البصرة، وكان إیاس من أصحاب مسیلمة الكذاب، [5] وكتب عمر إلی الأمراء أن یشاوروا طلیحة بن خویلد، وكان طلیحة قد أسلم ثم ارتد ثم أسلم.

وكان قد ادعی النبوة [6] وروی أن ابن عدی الكلبی قال لعمر: أنا امرؤ نصرانی، فقال عمر: فما ترید؟، قال: أرید الإسلام، فعرضه عمر علیه، ثم دعا له برمح، فعقد له علی من أسلم، وقال عوف بن خارجة:

ما رأیت رجلا لم یصل صلاة أمر علی جماعة من المسلمین قبله. [7] .

وإذا كان طریق البغی من علاماته التنافس والتحاسد والتدابر والتباغض، فإنه یختزن فی أحشائه معالم الضلال، عن عبد الله قال:

قال رسول الله (ص) لم یزل أمر بنی إسرائیل معتدلا، حتی نشأ فیهم المولدون. وأبناء سبایا الأمم التی كانت بنو إسرائیل تسبیها، فقالوا بالرأی فضلوا وأضلوا، [8] فأبناء الأمم إذ لم یجدوا الرعایة والتربیة الصحیحة، یصبحوا من العوامل التی تساعد علی الهدم، وهؤلاء فی المسیرة الإسلامیة ترعرعوا تحت سقف الدولة الأمویة، ثم امتدوا بامتداد المسیرة، وذكر الطبری: إن أول سبی قدم المدینة من العجم كان فی عهد أبی بكر، [9] وذكر البلاذری: أن معاویة حاصر قیساریة حتی فتحها فوجد من المرتزقة سبعمائة ألف. ومن السامرة ثلاثین ألفا. ومن الیهود مائتی ألف. [10] فبعث إلی عمر عشرین ألفا من السبی. [11] .



[ صفحه 337]



فالطریق كان علیه ضعیف الإیمان، وكان علیه أبناء الأمم، وكان علیه أمراء التنافس والتحاسد والتدابر والتباغض، والبغی، وكان علیه المنافقین ومنهم اثنی عشر رجلا حرب لله ولرسوله فی الحیاة الدنیا، وعلی طریق مثل هذا لا نستبعد أن تضیع الصلاة، وقد سجل حذیفة البادرة الأولی قبل وفاته، فقال ابتلینا، حتی جعل الرجل منا لا یصلی إلا سرا، [12] وكان النبی (ص) قد أخبر بالغیب عن ربه، أن الصلاة فی طریقها إلی الضیاع، فعن أبی ذر قال قال رسول الله (ص): یا أبا ذر أمراء یكونون بعدی یمیتون الصلاة فصل الصلاة لوقتها... [13] قال النووی: أی یجعلونها كالمیت الذی خرجت روحه. [14] .

وروی أن الولید بن عقبة - وكان أخو عثمان لأمه - حین كان والیا لعثمان بن عفان علی الكوفة أخر الصلاة، فقام عبد الله بن مسعود فصلی بالناس، فأرسل إلیه الولید وقال له: ما حملك علی ما صنعت أجاءك من أمیر المؤمنین أمرا أم ابتدعت؟ فقال: لم یأتنی من أمیر المؤمنین أمرا ولم أبتدع. ولكن أبی الله عز وجل علینا ورسوله (ص) أن ننتظرك بصلاتنا وأنت فی حاجتك. [15] .

وبینما كان الأمراء یمیتون الصلاة، كانت الصلاة تؤدی بروحها خلف علی بن أبی طالب، روی مسلم عن مطرف قال صلیت أنا وعمران بن حصین خلف علی بن أبی طالب، فكان إذا سجد كبر وإذا رفع رأسه كبر، وإذا نهض من الركعتین كبر، فلما انصرفنا من الصلاة.

أخذ عمران بیدی ثم قال: قال صلی بنا هذا صلاة محمد (ص)، وفی



[ صفحه 338]



روایة قال عمران: [16] قد ذكرنی هذا صلاة محمد (ص)، وروی أن عمران بن حصین مات سنة اثنتین وخمسین هجریة. [17] .

ولما كان حذیفة قد صلی سرا، ولما كان ابن مسعود قد شهد تأخیر الصلاة، فإن أبی الدرداء قد شهد شیئا آخر، فعن أم الدرداء قالت. دخل علی أبو الدرداء وهو مغضب، فقلت: من أغضبك؟ قال:

والله لا أعرف فیهم من أمر محمد (ص) شیئا إلا أنهم یصلون جمیعا، [18] ومات أبو الدرداء فی خلافة عثمان.

ثم جاء عام ستین، وهو العام الذی حمل الصبیان أعلامه، وفیه قال النبی (ص) تعوذوا بالله من رأس الستین ومن إمارة الصبیان، [19] وقال ویل للعرب من شر قد اقترب. علی رأس الستین تصیر الأمانة غنیمة، والصدقة غرامة، والشهادة بالمعرفة، والحكم بالهوی، [20] فرأس الستین تطویر للعربة التی تنطلق بوقود الرأی، ورأس الستین هو الوعاء الذی یصب فیه إماتة الصلاة من العهود التی سبقته، وینطلق منها وقود إضاعة الصلاة وقراءة القرآن بلا تدبر، قال النبی (ص) وهو یخبر بالغیب عن ربه. یكون خلف بعد ستین سنة، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف یلقون غیا، ثم یكون خلف یقرؤون القرآن لا یعدو تراقیهم، ویقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن. ومنافق. وفاجر [21] وعن أبی سعید قال:



[ صفحه 339]



المنافق كافر به، والفاجر یتكل منه، والمؤمن یؤمن به. [22] .

ومن الدلیل علی أن جیل الستین أخذ وقوده مما سبقوه، أن النبی (ص) أخبر فی حدیث آخر بأن كثرة المال هی الخلفیة الأساسیة التی علیها یتم تفریخ هؤلاء، قال (ص) مما أتخوف علی أمتی أن یكثر فیهم المال حتی یتنافسوا فیقتلون علیه، وإن مما أتخوف علی أمتی أن یفتح لهم القرآن. حتی یقرأه المؤمن والكافر والمنافق. [23] .

فالمال أنتج التنافس. والتحاسد والتدابر والتباغض. والبغی، وفتح القرآن أمام العامة مع عدم وجود العالم به، أدی إلی ترتیله فی زحام الأسواق، حیث لا مستمع ولا منصت، ومن الأصاغر أخذ العلم الذی أدی إلی ضیاع الصلاة، ولقد سئل النبی (ص) عن أشراط الساعة، فقال أن من أشراطها أن یلتمس العلم عند الأصاغر قال ابن المبارك:

الأصاغر الذین یقولون برأیهم، [24] وعن ابن مسعود قال: لا یزال الناس بخیر ما أخذوا العلم عن أكابرهم، فإن أخذوه من أصاغرهم وشرارهم هلكوا، [25] وعن أنس قال. قیل: یا رسول الله متی ندع الائتمار بالمعروف والنهی عن المنكر، قال: إذا ظهر فیكم ما ظهر فی بنی إسرائیل، إذا كانت الفاحشة فی كباركم. والملك فی صغاركم، والعلم فی رذالكم. [26] .

وإذا كان أبو الدرداء قد شهد وفاته أنه لا یعرف فی الناس من أمر محمد (ص) شیئا إلا أنهم یصلون جمیعا، فإن أنس بن مالك شهد عام



[ صفحه 340]



ستین، حیث مقدمة الخلف الذین أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، روی البخاری عن الزهری قال دخلت علی أنس فوجدته یبكی، فقلت:

ما یبكیك؟ قال: ما أعرف شیئا مما أدركت، إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضیعت، [27] ومات أنس سنة ثلاث وتسعین، وكان یقول: لم یبق أحد صلی القبلتین غیری. [28] .

وفی الخلف الذین یضیعون الصلاة بعد أنبیاء الله، یقول تعالی:

(أولئك الذین أنعم الله علیهم من النبیین من ذربة آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذریة إبراهیم وإسرائیل. وممن هدینا واجتبینا. إذا تتلی علیهم آیات الرحمن خروا سجدا وبكیا، فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف یلقون غیا). [29] قال المفسرون: ذكر الله حزب السعداء. وهم الأنبیاء ومن اتبعهم من القائمین بحدود الله وأوامره المؤدین فرائض الله، ثم ذكر سبحانه الخلف: أی البدل السئ. وقوله تعالی: (فخلف من بعدهم) أی قام مقام أولئك الذین أنعم الله علیهم.

وكانت طریقتهم الخضوع والخشوع لله بالتقدم إلیه بالعبادة، قوم سوء أضاعوا الصلاة، وضیاع الشئ: فساده أو افتقاده، ومعنی أنهم أضاعوا الصلاة: أی أفسدوها بالتهاون فیها والاستهانة بها، حتی تنتهی إلی أمثال اللعب بها والتغییر فیها والترك لها، فإذا كانوا قد فعلوا هذا بالصلاة فإنهم لما سواها من الواجبات أضیع. لأنها عماد الدین وقوامه، ثم أخبر سبحانه. بأن القوم السوء الذین أضاعوا الصلاة وهی الركن الأصیل فی العبودیة. واتبعوا الشهوات، هؤلاء سیلقون غیا: أی خسارة، وهذه العقوبة سنة ثابتة لا تتبدل ولا تتغیر، یعاقب الله بها كل خلف طالح، وذكر ابن كثیر فی تفسیر هذه الآیة، أن



[ صفحه 341]



هذا الخلف فی هذه الأمة أیضا. [30] .

والخسارة التی توعد الله بها الخلف الذین أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، یحمل أسبابها أمراء السوء وسبایا السوء الذین تربوا علی القصص وتسربت إلیهم روح الأمم المستعلیة الجبارة، فهؤلاء وغیرهم فتحوا أبواب القتال من أجل الملك، وعند نهایة القتال، وفی نهایة المسیرة كانت الخسارة عنوانا رئیسیا لكل شئ فی عالم الاستدراج.

أما القتال علی الملك. فیشهد به أبو برزة الأسلمی. روی البخاری عن أبی المنهال قال لما كان ابن زیاد ومروان بالشام، ووثب ابن الزبیر بمكة، ووثب القراء بالبصرة، انطلقت مع أبی إلی أبی برزة الأسلمی. فقال أبی: یا أبا برزة. ألا تری ما وقع فیه الناس؟ فقال: إنی احتسبت عند الله أنی أصبحت ساخطا علی أحیاء قریش، إنكم یا معشر العرب كنتم علی الحال الذی علمتم من الذلة والقلة والضلالة، وإن الله أنقذكم بالإسلام وبمحمد (ص)، حتی بلغ ما ترون، وهذه الدنیا أفسدت بینكم، إن ذاك الذی بالشام والله إن یقاتل إلا علی الدنیا، وإن هؤلاء الذین بین أظهركم والله إن یقاتلون إلا علی الدنیا، وإن ذاك الذی بمكة والله إن یقاتل إلا علی الدنیا. [31] .

ونتیجة القتال علی الملك، لم تستطع الدولة البقاء تحت حكم إدارة مركزیة واحدة، فعند بدایة المسیرة. اتسعت الدولة من شواطئ المحیط الأطلسی فی المغرب إلی نهر السند فی الشرق، ومن بحر مازندران فی الشمال إلی منابع النیل فی الجنوب، وكما توسعت الدولة بسرعة. تجزأت بسرعة أیضا، فإذا نظرنا علی امتداد المسیرة لنرصد



[ صفحه 342]



معالم الاختلاف والتفرق علی الأرض، نجد أن عبد الرحمن الداخل وهو أحد أفراد الأسرة الأمویة، قد أسس دولة مستقلة فی إسبانیا سنة 138 ه‍، ورفع ید الحاكم العباسی عن ذلك الجزء من الدولة العباسیة، ثم ظهر الأدارسة وأسسوا دولتهم. ثم جاء الأغالبة واستولوا علی بقیة مناطق إفریقیا عام 184 ه‍، ثم ظهر ابن طولون فی مصر والشام وفصلهما عن الدولة، وعند حلول سنة 323 ه‍ أسس الأخشید حكمه فی مصر، ولم یبق تحت نفوذ الدولة العباسیة السیاسی من بلاد المغرب سوی رمزها.

أما فی المشرق، فتم تأسیس الدولة الطاهریة. بخراسان عام 204 ه‍، وتتابع ظهور الدویلات الصغیرة بعد ذلك شرق إیران، كالصغاریین والسامانین والغزنویین، ثم قامت الدولة البویهیة فی الجزء المتبقی لهم فی إیران، ثم جاء المغول عام 334 ه‍ ونزل الستار علی الدولة العباسیة، وكان للدولة فرع یحكم رمزیا فی مصر، قضی علیه سلیم الأول من سلاطین آل عثمان. بعد استیلائه علی مصر عام 922 ه‍.

وعلی امتداد المسیرة كانت الأصابع الیهودیة تعمل فی الخفاء، كان تثقب فی الجدار بواسطة أبناء الأمة، وتحطم الأقفال بواسطة الحروب الصلیبیة المتعددة الإشكال، حتی جاء الیوم الذی طبقت فیه اتفاقیة سایكس بیكو علی الشام، وفرض الانتداب الفرنسی علی شمال هذه البلاد وقسم إلی كیانین هما: سوریا ولبنان، وفرض الانتداب البریطانی علی جنوبها وقسم إلی كیانین هما: الأردن وفلسطین، وفی عام 1917 میلادیة صدر وعد بلفور، الذی یقضی بإنشاء وطن قومی للیهود فی فلسطین، وفی عام 1967 میلادیة. بسط الیهود أیدیهم علی ما حلموا به طیلة حیاتهم، بسطوا أیدیهم علی الأرض الواسعة. التی یحیط بها غثاء من كل مكان.



[ صفحه 343]



لقد بدأ الطریق من عند البحث عن الدرهم والدینار، والنبی (ص) أخبر عن ربه جل وعلا، فقال كیف أنتم إذا لم تجبوا دینارا ولا درهما، قالوا: ولم ذاك؟ قال: تنتهك ذمة الله وذمة رسوله. فیشد الله قلوب أهل الذمة فیمنعون ما بأیدیهم، [32] وقال یوشك أن تداعی علیكم الأمم من كل أفق كما تداعی الآكلة إلی قصعتها، قالوا: یا رسول الله. فمن قلة بنا یومئذ؟ قال: لا. ولكنكم غثاء كغثاء السیل، یجعل الوهن فی قلوبكم وینزع الرعب من قلوب عدوكم، لحبكم الدنیا وكراهیتكم الموت [33] وقال صاحب عون المعبود: أی یدعوا بعضهم بعضا لمقاتلتكم وسلب ما ملكتموه من الدیار والأموال، ولقد وصفهم النبی (ص) بغثاء السیل، لقلة شجاعتهم ودناءة قدرهم، وغثاء السیل: أی كالذی یحمله السیل من زبد ووسخ. [34] .

لقد أخبر النبی فی أن فتنة أمته فی المال. وأن الدرهم والدینار سیهلكهم كما أهلك الذین من قبلهم، وبین النبی (ص) موضع كل مال فی الإسلام، وأمر الأمة بأن تتمسك بالكتاب والعترة، وأن تأخذ بأسباب الحیاة التی تحقق السعادة فی الدنیا بما یوافق الكمال الأخروی، فیأمروا بالمعروف وینهوا عن المنكر، ولكن القافلة تركت الأمراء الصبیان یعبثون بكل شئ عند المقدمة، خوفا من الجوع والفقر، وفی نهایة المطاف وقف الحاضر أمام الماضی علی رقعة واحدة، یدوی فیها صوت النبی الأعظم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، النبی العربی القرشی الهاشمی المكی المدنی صلی الله علیه وآله وسلم، وهو یقول منعت



[ صفحه 344]



العراق درهمها وقفیزها، ومنعت الشام مدیها ودینارها، ومنعت مصر إردبها ودینارها، وعدتم من حیث بدأتم، وعدتم من حیث بدأتم، وعدتم من حیث بدأتم. [35] .



[ صفحه 345]




[1] رواه مسلم (الصحيح 97 / 18).

[2] رواه الحاكم وصححه (كنز العمال 526 / 3).

[3] رواه أبو عبيد (كنز العمال 771 / 5).

[4] فتح الباري 116 / 1.

[5] الإصابة 120 / 1.

[6] البداية والنهاية 130 / 7.

[7] الإصابة 116 / 1.

[8] رواه الطبراني (كنز العمال 181 / 1).

[9] تاريخ الأمم 27 / 4.

[10] فتوح البلدان ص 147.

[11] البداية والنهاية 54 / 7.

[12] البداية والنهاية 54 / 7.

[13] رواه مسلم والترمذي وصححه (تحفة الأحوازي 524 / 1).

[14] تحفة الأحوازي 524 / 1.

[15] رواه أحمد وقال الهيثمي رجاله ثقات (الزوائد 324 / 1).

[16] رواه مسلم ب قراءة الفاتحة (الصحيح 8 / 2).

[17] الإصابة 26 / 5.

[18] رواه أحمد وإسناده جيد (الفتح الرباني 200 / 1).

[19] رواه أحمد وأبو يعلي (كنز العمال 119 / 11).

[20] رواه الحاكم وصححه (المستدرك 483 / 4).

[21] رواه أحمد وقال الهيثمي رجاله ثقات (الزوائد 231 / 6) وقال ابن كثير رواه أحمد وإسناده علي شرط السنن (البداية 228 / 6، التفسير 128 / 3) ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه والبيهقي (كنز 195 / 11) (المستدرك 507 / 4).

[22] رواه الحاكم وصححه وأقره الذهبي (المستدرك 507 / 4).

[23] رواه الحاكم وصححه (كنز 200 / 10).

[24] رواه ابن عبد البر (جامع العلم 190 / 1).

[25] رواه ابن عبد البر (جامع العلم 192 / 1).

[26] قالع البوصيري: رواه ابن ماجة وإسناده صحيح. ورواه أحمد (الفتح الرباني 177 / 19).

[27] رواه البخاري (الفتح الرباني 200 / 1).

[28] الإصابة 171 / 1.

[29] سورة مريم آية 59.

[30] تفسير ابن كثير 128 / 3.

[31] رواه البخاري (الصحيح 230 / 4).

[32] رواه البخاري ومسلم وأحمد (الفتح الرباني 36 / 23).

[33] رواه أحمد بسند جيد (الفتح الرباني 32 / 24) وأبو داوود.

[34] عون المعبود 405 / 11.

[35] رواه مسلم (الصحيح 20 / 18) وأحمد (الفتح الرباني 37 / 24).